الخميس، 12 مارس 2009

أعطوا الفتو للمربي والأ غير مقدس.؟


تأيدآ وأضافة على مضمون هذا البحث أو الشرح القيم ( القدسية مقابل الفتو ) المنسوب الى السيد والباحث التراثي الأيزيدي محمود خضر( أبو آزاد ) المحترم...
ففي البداية أقدم كل الأحترام له وذلك تقديرآ وأعترافآ له وبالرد الجميل والأستحسان العظيم على كل ما قام به وبأكثر من أربعة عقود ماضية ولحد اليوم حيث خصص ويخصص أحلى أوقات أستراحته وراحته النفسية من أجل جمع كل ما هو متعلق بأصالة عقيدته الأيزيدية وسواء كانت من خلال تسجيل ( الصوت ) لتلك الأقوال والقصائد الدينية أوأخذ الصور الفوتوغرافية و من ثم الصورالفيديوية فيما بعد.
والآن بدء بالكشف ونشر نتائج وأثمار تلك الخدمات الجليلة وبواسطة الشبكة العنكبوتية العالمية ( الأنترنيت ) ولكي يطلع عليه كافة السيدات والسادة من القراء الكرام وخاصة من بقية القوميات والعقائد والأديان عن ماهي حقيقة و تراث الكورد الأيزيديين.؟
فهنا لست بصدد أعطاء المعلومات الى هذا الباحث ولكن هناك نقطة خلاف لاتزال جارية بيننا أو بيني وبين ( الأغلبية ) من أخواتي وأخواني من الكورد الأيزيديين في العراق وخاصة الطبقة أو المجموعة المثقفة والمتعلمة وصاحبة الشأن والأختصاص.؟
وهي العواطف والمصالح ( الشخصية ) المشتركة مع فلان وأبن فلان أو الجهة السياسية هناك وهنا و الخ من هذه المصطلحات أن صحت التعبير.؟
فأنا لست بأكثر وأفضل ( شجاعة ) وذكاء وكرم ومعلومة منهم ولكنني أقول وأعتقد بأن الأغلبية من بني جلدتنا وخاصة ( رجال الدين ) وحتى بعضآ من السادة الكرام من أعضاء المجلس الروحاني الأيزيدي الحالي كانوا ولا يزالون يجهلون فهم وأستيعاب مثل هذه المصطلحات لكونهم لا يجيدون ( القرأة والكتابة ) أي يجب أن يقوم ( مترجم ) بشرح هذه المصطلحات لهم بأن الجيل ( الجديد ) يطالبونكم القيام بالأصلاحات التالية وهي هكذا ووو أي وضع اليد على الجرح وبشكل مباشر؟
ففي هذه المداخلة لست بصدد منع بني جلدتي عن دفع ( فتو ) = الفتوى وتعني ( الزكاة ) حسب اللغة العربية الفصحى والعكس هو الصحيح وهي أدعوهم الى دفع وتوزيع المزيد والمزيد من ( خير ) أي الخيرات على ( الفقراء ) والمحتاجين ومهما كانت أصولهم وأفكارهم حيث لنا ( قول ) ديني بهذا الصدد يقول ( خيرى بده وبسيار نه كه تو كي ) أي أدفع الخير الى الناس ولا تسأله من أنت .؟
ولكنني بصدد توجيه هذا السؤال الى هذا الباحث ومن خلال سيادته الى ( رئاسة ) المجلس الروحاني لنا وهي ما هو معنى كلمة ( الفتو ) ومنذ متى بدءت هذه العملية عندنا ومن كم نوع تتشكل وما هو الأسباب ( الحقيقية ) من ورائها ولماذا تم تقسيم الأيزيديين الى أكثر من ( 82 ) عائلة مثل ( 41 ) عائلة ( بير ) ومثلهم الشيوخ و بقية الأيزيديين يسمون ( مريد ) و يجب عليهم دفع هذا الفتو الى هذه العوائل أعلاه والذي يسمون ب ( ماليين ئاديا ) أي العوائل العدوية أو الآدانية وهو كالعادة مبالغ ( نقدية ) وكذلك والغريب في هذا الأمر هو.....................
أن هذه العوائل ( 82 ) أعلاه يدفعون هذه الفتاوي فيما بينهم والعكس بالعكس أي أن هناك بير لعائلة بير كذلك وشيخ لعائلة الشيخ وشيخ لعائلة بير وبير لعائلة الشيخ وحتى العائلة الأميرية الحاكمة علينا لهم بير والشيخ .؟
ولكن هناك نوع آخر من هذا الفتو وهو حصة ما يسمى بفتو ( المربي ) ولم يشير اليه السيد والباحث أبو آزاد.؟
ولأجله قررت أضافة هذا الموضوع الى مضمون بحثه القيم أدناه وعلى شكل قصة أو مقولة ( خرافية ) وعند وجود أية أخطاء غير صحيحة بهذا الصدد أرجو منه ( الرد ) وتوجيه المشورة لي بأن الأسباب ( الحقيقية ) من وراء هذه العملية هكذا ووو.؟
فقبل التطرق لا وبل توجيه ( النقد ) الى هذه ( العبودية ) التي كانت ولا تزال سارية وجارية عندنا نحن الذين نستطيع تسمية أنفسنا بقدوة ( الليبرالية والعلمانية ) العالمية أن أكرر توجيه اللوم الى ( بعضآ ) من أخواتي وأخواني الأيزيديين وخاصة أصحاب ومشرفي المواقع ( الألكترونية ) هناك وهنا الذين أرسل لهم موضوعاتي المتفرقة والمتعددة وأهمها هذه الموضوعات ( الدينية ) المحتاجة الى ( التنقية ) والتصليح ولكنهم يهملونها وبحجج غير مقتنعة أو ما أشرت اليه أعلاه وهو المصالح الشخصية ولنبقى دون ( التجديد ) ولنهاية الألفية الثالثة الحالية ووالله هو العالم بماذا ستكون النتائج.؟؟؟
فمن المعروف وسبق لي و أشرت الى هذا الموضوع بأن كل عائلة من عشيرة ( جيلكا ) العريقة والتي تتكون من طبقة ( بير ومريد ) فقط.؟
والتي تعيش الآن في منطقة جبل ( شنكال ) سنجار 120 كم غرب مدينة الموصل العراقية لا تستطيع أن تبرهن بأن موطنها الأصلي الأول هو هذه المنطقة المحترمة وأنما والعكس هو الصحيح هو ( كهوف ) وجبال كوردستان تركيا الحالية وبالذات من سكنة وأصحاب ( كه ليى بيرا وقه راجيى داسكا وطورا هه فيركا ).؟
فبعد ظهور وتشكيل الخلافة ( العثمانية ) الأسلامية في تركيا ومحاولتها بفرض أفكارهم الدينية والقومية على بقية القوميات والعقائد والأديان والطوائف الغير ( تركية ) اللغة ومنهم الكورد الأيزيديين الذين رفضوا قبول وأضافة أية أفكار ( جديدة ) على أفكار عقيدتهم الشمسانية الأيزيدية الأزداهية الآرية الزه ره ده شتية الداسنية الكوردية العريقة.؟
فقررت قيادات وسلاطين تلك الخلافة ( العجوزة ) فيما بعد بمهاجمة المعارضون لهم وتحت تسمية ( فه رمان ) أي الأمر وهي مترجمة من كلمة أو سورة ( الأنفال ) الواردة في كتاب ( القرآن ) للعرب والمسلمين مع كل الأحترام لهم..........
فهرب العشرات من العوائل الأيزيدية من مناطقهم الأصلية هناك ومن بينهم عائلتي وأختبؤ في كهوف وقمم جبل شنكال ( الفولاذي ) الشامخ والذي يستحق لا وبل أقترح على الجهات ذات العلاقة هناك أن يتم تسميته ( القاهر ) الأول والأخير بوجه كل من أراد و يريد فرض أفكاره ( القومية والدينية ) على أهله سابقآ و بعد الآن.؟
فبعد أن أنهيار تلك الخلافة الجاهلية العجوزة في تركيا أبان أنتهاء الحرب العالمية الأولى ما بين الأعوام ( 1914 – 1918 م ) وترسيم ( خارطة ) منطقة الشرق الأوسط الحالية أو ما سميت بأتفاقية ( سايكس – بيكو ) قررت هذه العوائل البقاء في هذه المنطقة.؟
ولكن وبعد عدة تنقلات وترحيل من هذا الوادي والكهف أو هذه القرية والأخرى في منطقة جبل شنكال القاهر ولكن المظلوم والمنسي ولأسباب ( دينية ) ومن ثم قومية وسياسية فتم أسكان العشرات من العوائل الشنكالية في قرية ( باعه درى ) التابعة الى قضاء الشيخان 40 كم شمال مدينة الموصل العراقية و من ظمنهم عائلتي وبشكل ( قسري ) وأجباري في بداية عام ( 1975 ) ولأسباب ( قومية وسياسية ) وذلك بعد حدوث تلك النكسة الكبرى للشعب الكوردي والكوردستاني بسبب توقيع تلك الأتفاقية ( الخيانية ) الموقعة مابين كل من شاه أيران السابق والنائب الدكتاتور والمقبور الآن صدام حسين والتي سميت فيما بعد بأتفاقية ( الجزائر ) الخيانية في يوم ( 6.3.1975 ) ولحد اليوم وأكثر من ( 200 ) عائلة شنكالية مرحلة لا وبل ( مهاجرة ) داخل وطنها والذي يسمى الآن العراق الجديد.؟
أرجو المعذرة بسبب خروجي عن الموضوع الرئيسي وهو بحث ( ديني ) وعقائدي ومرتبط بنا وليس بحث ( سياسي ) ولكنني مضطر في بعض الأحيان التطرق اليه........
ففي نهاية عام 1984 وذات يوم تفأجت بقدوم ( ضيف ) الى داري وهو أحد أقاربي الذي كان ولا يزال أبناءه وأحفاده يعيشون في قرية أخرى في منطقة شنكال ومعه شخص آخر وليرحمهما الله الآن وقال أن هذا الشخص من شيوخ ( الشيخ أبو البكر ) ونحن أقاربكم أو أبناء عمومتكم هناك قررنا أن يكون هذا الشخص بمثابة ( المربي ) لنا ولكم بعد الآن لأنه في ( تركيا ) أعلاه لم يكن لنا ( مربي ) وأن بقية أقاربك وافقوا على هذا المقترح.؟
فسألتهم وماذا تعني كلمة ( مربي ) فقالوا أن ( شيخادي ) ع أي الشيخ عدي فرض أو قرر أن يكون هذه التسمية أو المنصب من حصة ( شيخو بكر ) أي الشيخ أبو البكر ويجب على كل عائلة أيزيدية أن يكون لهم مربي ويدفعوا له ولأحفاده ( الفتو ) السنوي والأ لن تكون بقية الفتو الذي يدفعونه الى ( بير والشيخ ) مقدسآ عند الرب.؟
فماذا تفسر هذا الكلام يا أستاذي العزيز أبو آزاد المحترم ولتكون بيني وبينك هذا ( سر ) ولكي لا يسمعنا أحد فوالله والله والله لم أكون ولن أكون مقتنعآ بمضمون هذه القصص والخرافات الغير عقلانية ولكن.؟
وفي الختام أرجو من السيد والباحث أبو آزاد أن يشرح لي وللجميع هذا الموضوع أكثر أي ما هي الأسباب الرئيسية في وجود ونوعية هذا الفتو والذي أعتبرها ( فتوى ) مفروضة فتارة يقول أن وضع الفتو على ( عتبة ) أي باب المعبد هو مقدس وهذا لاشك فيه.؟
ولكنه لم يشير الى تقديسه أذا أعطي ليد ( الأنسان ) وهو ما يسمى بفتو ( شيخ وبيرا ) وكذلك الحصة الخاصة لذلك الصحابي ( الشيخ أبو بكر ) الذي ورد أسمه بعد حكم وأمارة الشيخ عدي ( الثاني ) حوالي عام 644 الهجري.؟
وأكرر كلامي السابق وهو مقولة متداولة عندنا وخاصة عند أهل منطقة شنكال الكرام.
( خوه دى مالا وي خراب بكى ئه و كه سى خيرا ملله تيى خوه نه فيت ) أي ليهدم الله دار كل من لا يريد الخير لقومه ولكن ليست بهذه الطريقة والعبودية التي عفت عنها الزمن.؟
بير خدر آري ......آخن في 12.3.2009
------------------------------------------


القدســـــــية مقابل الفتو .؟
----------------------

الجزء الأول: الإنسان هو الذي صنع لنفسه رموزا خاصا به كي يقدسها بمحض إرادته ، ولولا الحاجة الإيمانية والنفسية والمعانـاتية والفراغ الممل في حياته.. لما فعل ذلك ، ولولا هذه الدوافع لما بحث عن الخارق الخفي ، ولما قدس رموزه التي صنعها بنفسه.. متأملنا أن ترشده الرموز إلى المقدس الذي يتجلى فيه الخارق الخفي العظيم، فليتمس منها الرضا والغفران والفرج.. فقدس الإنسان الحجر والشجرة والحيوان والمياه والرياح والسماء والقمر والشمس والنجوم والغيوم ... إلخ ، ولولا ارتياح المتقدس من الناحية الروحية والنفسية وحاجته الخاصة إلى قدسية المقدس، لما قدم لها الأموال والبنون وكل غالي نفيس .. و تاريخ تقديس الإنسان للمقدسات يمتد إلى آلاف السنوات ، ومهما كان فالبحث في هكذا موضوع لن يكون إدراكه سهلا ، ولكني سأبسطه من خلال الزمن، وسأختصره ، وأتوقف عند العلاقة بين لالش المقدس و الأيزيدية .. ولا أبالغ إذا قلت : لا يمكنني أن أتصور الأيزيدية من دون لالش ولا " لالش" من دون الأيزيدية ، فكلاهما مخلوقان للأخر، ولالش أوجد الأيزيدية الأيزيديون هم أوجدوه ومجدوه وعظموه و قدسوه.. فدور لالش بالنسبة إلى الأيزيدية لا يقدر يثمن.. ولولاه لانهارت الأيزيدية في ظل الفتوحات منذ أمد طويل ، وللالش فضل لا يقيم على صمود الأيزيدية أمام الغزوات والفتوحات والمحن والمصائب ، وللالش الفضل الكبير على الموازنة بين المشاعر الإيمانية والنفسية والمعنوية و الاتكال على الخارق الأعظم لما وراء الميتافيزيقيا.. فإذن لالش الطرف المقدس الذي يمنح الأيزيدية الوقود ألإيماني و العزم والهمم والصبر والسلوان..وهو خير درع الذي يقي الأيزيدية من آفة الذوبان هنا وهناك.. ولالش الدواء الشافي لكل داء، ومن الأيزيدية ( الفتو) النذور والتقدمات .. ولالش لا يجوع ولا يعطش، لكنه بحاجة إلى إنسان يشرف على إدارته وعلى صيانته، وبمعز عن هذا لن يكون له ديمومة، فديمومة معبد لالش وقدسيته هي ديمومة هوية الأيزيدية للبقاء، مهما كان عددهم .. ولو لا " لالش " لما كنا اليوم هنا وهناك.. وقد لا أجد بين مفردات اللغة العربية كلمة تفيد معنى (الفتو) بدقة التي نجدها في لغة النصوص في الديانة الأيزيدية، وحسب ما أحس بها شعوريا.. يمكنني ترجمتها إلى ( أجر، وأجرة ، وثمن ) ولزيادة التوضيح أقول: بأن كلمة (أجر) هنا لا تعني الثواب لوجه الله تعالى وإنما ثمن مادي مقابل عملية التقديس، فيذهب(الفتو) للسادن معاشا له.. والشخص الذي يزور معبد لالش عادة يعرف ماذا يريد وماذا يفعل ، فهو جاء من بعيد وقصد لالش ليس من أجل نزهة أو سياحة أو الانسجام والاستمتاع بمناظر وادي لالش، أو ليتعرف على سادن معين.. كلا.. فهو جاء لكي يرتمي أمام المقدس، فهو دخيل داخل لأمر مهم ، و قد جاء إلى وادي لالش متحملا مصاريف غير قليلة و تحمل معانات الطريق الطويل وركب المخاطر ليس فقط لتقديس لالش ، فهو بحاجة ماسة..أولا.. لمشاهدة المقدس مباشرة، فيتأكد أنه أمام رمز الخارق المتجلي ، وثانيا.. ليقدسه مباشرة فتحقق مبتغاة الذي جاء من أجله.. فمشاعره الإيمانية وظروفه الحياتية، أملت عليه المجيء إلى لالش..فأنه بحاجة ماسة كي يستعين بالمقدس ويطلب منه العون ، فيطمئن روحيا ونفسيا على مبتغاة ..الناس يؤمنون بأن التقديس يبارك المتقدس ويبعد عنه الشر ويزيد من أرزاقه ويعظم من قدره ويفرج عن همه ويزيل مصائبه.. فإذن الزائر جاء إلى المقدس لحاجة في نفسه، فقد يكون هما إيمانيا ودنيويا أو لكليهما.. فإن المخاطر والمصاريف التي تحملها لم تكن للهو والنزهة، وإنما جاء ليقدس المقدس ويطلب منه الشفاعة والبركة والاطمئنان على حالته الروحية ،،النفسية ،، المعنوية والدنيوية .. كلنا يعرف بأن المقام المقدس لا يأكل ولا يشرب، ولكن له مشرف و سادن ، فهو الذي يأكل ويشرب.. فهو الذي يحتاج إلى دعم مادي ومعنوي ، لأنه المشرف والمسؤول على صيانةلمقدس وخدمته وتعظيمه أمام الزوار ، فهو إذن الذي يعبر عن المقدس بالقول والعمل والمعرفة ، وعلى السادن أن يعرف الأدعية والأقوال لجميع المناسبات ، وهناك دعاء يتعلق بزوار العتبات المقدسة ، وفي مقدمتها يقول السادن : (ماش به ت .. برات به ت .. خلات به ت) وما معناه : الله يزيد من معاشكم ويبارككم ويقبل أجركم .. فمن غير المعقول أن يكون هناك سادن ، مجيور أو خادم بالمواصفات المذكورة لا يأكل ولا يشرب ، أو أنه يأكل ويشرب من ماله ، ومن أين له المال إذا لا يعمل ؟ فالسادن الذي يكرس كل وقته لخدمة المقدس لا يستطيع أن يعيش من دون وارد يبعد عنه الجوع ويقيه برد الشتاء وحر الصيف.. و لو لا السادن الذي يتكلم نيابة عن المقدس ، لما شعر الزائر المتقدس بأن المقدس تجاوب معه من خلال السادن، وأنه حقق غايته الإيمانية والروحية والنفسية والدنيوية .. فالزائر المتقدس يعرف مسبقا بأن الواجب الأخلا قي يفرض عليه أن يضع (الفتو) على عتبة المعبد ، وهو يعرف مقدما بأن (الفتو) لن يذهب إلى الفقراء ولا إلى صندوق خيري ، فهو يعطي (الفتو) إلى سادن العتبة نيابة عن المقدس، لأنه يعرف بأن السادن يقوم بواجب المقدس ويحافظ عليه في مقابل المعيشة ، والمكانة الرفيعة التي يحسد عليها .. فنحن أمام معادلة تبادل، وكأننا أمام طرفان يتبادلان السلع ، طرف يبيع ، وطرف يشتري، فمن لالش القدسية، ومن المتقدس (الفتو) .. فإذن (الفتو) حق من حقوق السادن الذي يتوجب على الزائر المتقدس، وهو دعم يسير لمعاش السادن مكافئة لواجباته الجليلة .. فهو إذن ليس خيرا ولا منة على أحد ، بل هو واجب أخلاقي و ليس فرضا على أحد، والذي لا يقدس لا يدفع للسادن ( الفتو) ولو كان في وادي لالش صندوق خاص للمرضى وأخر للفقراء واليتامة وأخر للطلبة وأخر للرعايا الاجتماعية، فالذي يريد أن يفعل الخير في سبيل الله والإنسانية، يذهب إلى تلك الصناديق و يساهم ببعض النقود .. وأكرر القول: بأن (الفتو) ليس سوى واجب أخلاقي لديمومة المقدس والسادن معا .. وللمزيد من التوضيح نذكر حوارا بين شخصين، يقول فيها أحدهم للأخر ته فتو دايه ؟ / هل أعطيت الفتو ؟ته فتو دانا سه ر درجكى ؟ / هل وضعت الفتو على العتبة ؟هه ره فتوى خو بدا / أذهب وأعطي فتوحكفكل أسهام يصب في منفعة المجتمع الأيزيدي، سواء عن طريق المقدسات أو المنظمات الإصلاحية يعتبر خير .. وكما ذكرنا فأن (الفتو) حق من حقوق سادن المعبد ، وعمليا هو الذي يمسك بمفاتيح معبد لالش.. ورسميا الأمير الذي هو الذي يمسك بمفاتيح معبد لالش ، فهو إذن السادن الرئيسي، ولأنه أمير مشرف على شؤون العتبات المقدسة، فلا يستطيع أن يكون سادنا فعليا على جميع العتبات المقدسة ، وفي نفس الوقت يشرف على رعاية شؤون الأيزيدية الدينية والدنيوية.. ولو كان الأمير يمارس ما يمارسه سادن معبد لالش عمليا و وظيفيا، لكان (الفتو) من حقه، من دون معارضة أو منافسة من أحد، وما حدث ويحدث هو : أن الأمير يؤجر (الفتو) الوارد من المتقدس إلى شخص غريب عن أهل بيته ، فجعل هذا الشخص الغريب سادن معبد لالش، لقاء مبلغ معين من النقود .. فكان الأفضل للأمير لو أنه سلم مفاتيح معبد لالش لسادنه القديم أحفاد الشيخ إبراهيم الختمي، ولو لقاء إيجار معقول .. أو أن يختار سادنا من أهل بيته وبراتب معين أو بالمزايدة كما هي الحال ، فيقسم وارد (الفتو) إلى ثلاث حصص ، ويوزع الثلثين على أبناء بيته حسب الجدود ، ويحتفظ بالثلث لنفسه، لأنه الأمير وله مصاريف كثيرة .. ولو شاء القدر،، وأمم الأيزيدية (الفتو) فالواجب الأخلاقي والديني والاجتماعي يلزم الأيزيدية أن يتكفلوا بمعيشة الأمير بما يليق بمكانته ، و يلتزموا أيضا بحقوق أبناء بيته من الأمراء ، أسوة بالشيوخ الشمسانية و الأدانية والقاتانية .. فكان لأجدادهم الأوائل مرداء بين مرداء شيوخ القاتانية ، وما حدث أن جدهم الأمير تنازل عن مريديه لأبناء عمه الذين حافظوا على شيخانيتهم من أجل رسوم المريدين ، و من أجل رسومهم العينية انفصلوا عن بيـــت الأمـــراء ، ويبقى أبناء الأمارة شــركاء الأمير ( بالفتوا) لأنهم خســروا رســوم المريدين مثله.. فمن المهم جدا حل مشكلتهم .. فهم محرومون من رسوم المريدين و(الفتو) .. فأما أن يكونوا أمراء ولهم مثل الأمير حقوق في (الفتو) فإما أن يعاد إليهم لقب الشيوخ القاتانية ويعاد إليهم مرداءهم الموجودين بين مرداء شيوخ القاتانية وفق العدالة والأنصاف ، ولكن هذه مسألة معقدة جدا وغير عملية وغير قابلة للتنفيذ ، إذن الحل الأمثل.. أن يحتفظ أبناء بيت الأمارة بلقبهم الأميري وأن يأخذوا الثلثين من (الفتو) كضمان بسيط لسد حاجتهم المادية ، والثلث يكفي الأمير و ماله من الموارد الأخرى ..الجزء الثاني:وإلى زمن ليس ببعيد ، كان الأيزيدية يقدمون إلى بيت لالش عشر ما عندهم من المحاصيل والماشية والأبناء أيضا.. فأنا أعرف نموذج من هذه النذور البشرية.. والقصة باختصار جدا: تبدأ برجل رزقه الله عشرة أبناء، ولما بلغ ابنه العاشر سن السابعة من العمر، ذهب به والده إلى معبد لالش كي يبرئ ما في ذمته، ولما أقترب من باب المير.. وضع حبلا حول عنقه،، وقاده كما يقود الشاة نحو صحن المعبد .. وكان بإمكان الوالد أن يشتري أو يفك ولده من سادن معبد لالش.. لقاء نقود أو ثور أو عدد من الأغنام .. وعندما رأى سادن المعبد رجل يقود ولده عرف الموضوع في الحال،، فهو قد شاهد مثل هذا المنظر سابقا .. فأسرع إلى حيث ما يجب أن يكون، لكي يقوم بواجباته.. وفي هذه الفترة الزمنية كان السادن أحد أبناء الشيخ إبراهيم الختمي بن الشيخ شرف الدين بن الشيخ حسن ألعدوي ، فتقدم أبو الولد وهو يسحب ولده إلى العتبة حيث يقف الشيخ السادن على يمين عتبة باب ( ألقابي) فجلس الأب على ركبتيه وأخذ يقدس العتبة،، والشيخ السادن يتلو الدعاء الزائرين لهذه المناسبة ،، فنهض الأب بكل خشوع و هو منحني ويقدس يمين الباب ويساره من ثم وضع كفه الأيمن على كفه الأيسر و يمد يديه بلطف نحو الشيخ السادن طالبا يده كي يقبلها .. تعبيرا عن احترامه له وعن صدق إيمانه وحسن نيته ، ومن ثم تكلم الأب قائلا : يا شيخي أنت السادن وأنت وكيل عن معبد لالش وأنا جئت أقدم للمعبد العشر من البنين وها أنا جئتكم به .. باركه الشيخ السادن ودعا له من الله أن يحفظ بيته ويبارك أرزاقه و في أبناءه ويدفع عنه الشر .. ومد الشيخ السادن يده إلى عنق الولد وحرره من الحبل ، وقال له: والآن أنت ولدي وأنا أبوك ،، وهنا تدخل الأب و ألتمس من الشيخ السادن قائلا : أنا أريد أن أشتري منك ولدي كما هي العادة ، وأنت أختار الثمن وأنا مستعد أن أدفع ما تطلبه،، وأختار بين النقود والثور والغنم .. ولكن الشيخ السادن فاجاء الأب بقوله : أنا بحاجة إلى ولد وليس للأموال ولن أبيع ولدي هذا لك بكنوز الذهب .. فرجع الأب وهو حزين على ولده الذي تركه في المعبد .. ومن ناحية أخرى فرح لأن ولده أصبح ولد الشيخ السادن وأحد المقيمين في لالش ، ومن لا يتمنى ذلك لولده ، وما فعله الشيخ السادن أنه عامل الولد كما لو كان ولده الحقيقي ، ورباه كما يربي أبناءه ، ومنحه ذات الحقوق التي لأبنائه ، ومنحه حق الوراثة فيما له من الأموال والملك والامتيازات ، وله الحق كما لأولاده أن يرفع (الفتو) والنذور من العتبات المقدسة التابعة له ، مثلما كان يفعله أبناؤه الحقيقيون .. في شيء واحد لم يساويه وهو الزواج من الأسرة ، لأنه ينتمي إلى طبقة المريدين.. وعندما أصبح شابا .. زوجه الشيخ السادن من مريدته ، وأصبحت له أسرة كبيرة وخرج من منزل الشيخ السادن، كما يخرج الولد من بيت أبيه.. وأخيرا تم التعارف على أحفاده في عين سفني مع مجموعة أخرى من العوائل الهكارية ، و أحفاده الذين يسكنون عين سفني، يعرفون بآل ... سعدون ، ومن أبناءهم : سمو ، مادو ، سلو ، ومن أقاربهم : سمو أبو علي (علي كلا) ومحمود برستكي ، ورفو كندالي .. ولا يزال آل... سعدون يحملون لقب (بني) وهذه كلمة عربية مشتقة من البنوة .. ولا علاقة لها مع (عبارة ئه ز به ني ) التي تعني بالكوردية " أنا خادمك" وهذه العبارة يقولها الشخص من باب التواضع ويقولها الصغير للكبير، وهي لا تعني الخادم بالمعنى الصحيح ..وهناك ملحق للقصة تثبت ما ذكرناه.. وهذه القصة الملحقة سمعتها من الشيخة حياة بنت الشيخ رشيد أحد أولاد الشيخ إبراهيم الختمي.. قالت الشيخة حياة : كاد يسقط مقام جدنا الشيخ إبراهيم الختمي الموجود في وادي لالش لأنه قديم وقد مضى على بناءه مئات السنوات ، ولم يستطيع جدنا من صيانته و أعمامنا أهملوه أيضا ، وفيما بعد قرر والدي الشيخ رشيد .. هدمه وإعادة بناءه من طابقين المقام في الأسفل والفوقي للسكن.. ولو لمواسم الزيارات الخاصة بوادي لالش ،، طرح والدي الفكرة على أقاربنا ولكنهم لم يصغوا إليه ، وأخيرا قرر أبي أن يقوم ببنائه على نفقته الخاصة،، ولما باشر أبي بالبناء حسدوه أقاربنا وحاولوا منعه من البناء ، ولكن أبي لم يصغي إليهم ولم يهتم لمحاولاتهم لمنعه بأية وسيلة ، وظل والدي يواصل البناء من دخله البسيط ، ولما عجز أقاربنا إيقاف أبي عن البناء ، فعندئذ قرروا تقديم شكوى ضد أبي عند الأمير خيري بك ولكن الأمير لم يتدخل بين أبي وأقاربنا ، ولما لم ينفعهم الأمير خيري بك ذهبوا إلى آل سعدون باعتبارهم ورثاء أيضا، ومن حقهم منع أبي من الانفراد بهذا الملك من دون موافقتهم ، وهنا أضطر أبي أن يزورهم جميعا وأن يتطلب موافقتهم ، فوافقوا مشكورين، ولولا موافقتهم لما أستطاع أبي إكمال البناء والتفرد به.. ذكرنـا مرارا بأن المجتمع الأيزيدي كان فقيرا جدا، وهذا يعني بأن (الفتو) أيضا كان قليلا ، ورغم قلته كان بيد الغرباء عن بيت الأمارة ، والسدنة كانوا يتناوبون ، كما يتناوبون في أيامنا هذه.. و تأكدنـا من الأخ بدل بن فقير حجي بأن الأمراء كانوا يؤجرون عتبة معبد لالش وعتبة عين البيضاء وعتبة الشيخ شمس لقاء مبالغ رمزية لا تقل عن مائة ربية عثمانية ، ويؤكد المصدر ذاته بان فقير حجي كان أجـــر عتبة لالــش من الاميــر تحســـين بك بمبلغ 1500 دينار عراقي في منتصف السبعينات اما السدنة الذين كانوا يتناوبون فهم كلا من : حسينێ ره نگينێ ــ فقير كوثرــ فقير حسن وأولاده ــ فقير شموــ فقير حجي وأخوانه .. والسدنة كانوا يعيشون على (الفتو) المتبقي مما يعطوه للأمير.. وكان السدنة يصرفون على ضيوف الأمير في المناسبات التي تقام في وادي لالش، ويعطوا أبناء بيته نثرية كي يقدسوا بها العتبات المقدسة أسوة بقية الزوار،، وكانت تلك المبالغ تحسم من ثمن الإيجار كما في وقتنا الحاضر.. و الأيزيدية كانوا يحصدون لبيت الأمارة مجانـا ويساهمون في صيانة قصره مجاـنا ، وكان الأمير يغرم المخالفين ويحتفظ بالغرامة لنفسه ، وكان يورث من ليس له ورثة ويرث من ليس لهم ذكور ، و كانت هناك موارد أخرى، وعلى العموم كان دخل الأمير متواضعـا بالنسبة لزعماء ذلك العصر وكثيرا بالنسبة للأيزيدية .. وبهذا الدعم الاقتصادي البسيط كان الأمير يتحرك ويراجع المراجع العليا ويعطي الولاة رشاوي لدفع الأذى عن الأيزيدية وعن نفسه وعن العتبات المقدسة ، وقسم من الأموال كانت تذهب لبناء علاقات مع الأغوات ورؤساء العشائر الكوردية والعربية .. وشاءت الظروف أن يتربع تحســـين بك عرش أمارة الشيــخان في عام 1944 فأصبح أمــير الحج الذي يمسك بمفاتيح معبد لالش والمسؤول المباشر على المعابد والمزارات والرموز الدينية المقدسة .. وكما ذكرنا لقد تحسن وضع الأيزيدية المادية والمعنوية والاجتماعية منذ بداية الستينات ، فظهور طبقات ثرية من الأيزيدية وانتشرت السيارات بنسبة كبيرة ، وكان لها الدور الكبير على تعاظم زوار وادي لالش ، و تحسن الاقتصاد الأيزيدي شجع الأيزيدية على زيارة وادي لالش خاصة في المناسبات الدينية وعلى نطاق واسع .. فأدت زيادة الزوار إلى زيادة (الفتو) عشرات الأضعاف ، وهذه الزيادة أخذت ترفع من سعر إيجار (الفتوا) الوارد من تمثال الطاؤوس والوارد من العتبات المقدسة في وادي لالش ،، والذي يدفع أكثر هو يكون السادن .. وما حدث أن الأميــر تحســــين بك أحتفظ بكل الواردات الأيجارت لنفسه ويحـــرم منها جميع أبناء أهل بيته .. وما أراه مناسبا وكما ذكرته سابقا .. أن يحتفظ الأمير بثلث الواردات لنفسه ويوزع الثلثين على جميع أبناء بيت الأمارة .. ولكن منذ فترة بدأت تهبط بين الأيزيدية المشاعر الإيمانية تجاه المقدسات ، فأصبح (الفتو) لا يعتمد على العلاقة الإيمانية بين المتقدس و المقدس ،، ومع ذلك نلاحظ ارتفاع غير مسبوق في حجم (الفتو) معنى ذلك تغيرت المعادلة، بين المتقدس والمقدس منذ.. ظهور طبقة البويات وطبقة المهربين وطبقة المهاجرين ، فأظهرت هذه الطبقات الشبه الثرية منافسة فيما بينهـا ، فتسابقوا في ميادين المظاهر والفخفخة ، وما يحصل اليوم : هو أن (الفتو) قد خرج عن نطاق الأيمان والرجاء لدى غالبية تلك الطبقات ، فتحولت مشاعرهم إلى مشاعر حب المظاهر والفخفخة.. و لولا وقوف السادن على العتبة شخصيا لقل (الفتو) كثيرا، ولكن أشراف السادن المباشر على العتبة وهو يركز النظر على حركات الشخص الذي يقدس العتبة ، ويرى بنفسه كم من النقود يضعها على العتبة ويعرف إمكانياته المادية مسبقا ،، فإذا كان المبلغ كبيرا فيهلل له السادن ويكثف له الدعاء والمديح ، وإذا كان المبلغ متواضعا لا يناسب إمكانياته ،، سيتلو السادن الدعاء ولكن بفتور وهو غير راض .. وكل زائر يعرف هذا ، والثري والمنافق يعرف هذا أكثر ،، والذي عنده المال يستطيع أن يكسب مديح السادن ودعائه ، وكل ما يحتاجه هذا الثري هو أن يضع مبلغا محترما على العتبة .. ومن حق السادن أيضا أن يتصرف وفق مصالحه ، فهو قد أجر (الفتو) من الأمير بملغ كبير ، وهو : يريد أن يربح ، لا أن يخسر .. فكلما زاد عدد الزوار لبيت لالش ، كلما زاد (الفتو) ، وكلما زاد (الفتو) رفع الأمير سعر الإيجار (الفتو) وكلما أرتفع سعر الإيجار كلما زاد السادن المؤجر من ألاعيبه وفنونه.. وهكذا دواليك ...
الباحث أبو أزاد.
مينونخ / المانيا ... في 10.3.2009